السبت، 21 سبتمبر 2013

فنانون عالميون - الجزء الثاني : هنري ماتيس - بابلو بيكاسو - سلفادور دالي

My rating: 4 of 5 stars


فيه أهمية مستبطنة من إنك (تقرأ) فى الفن مش تسمع أو تشوف. فى البداية مكنتش واخد بالى منها لكن بالتدريج بدأت افهم..

أولا تطور المدارس الفنية عبر التاريخ بيوضح التطور الاجتماعى والفكرى لمجتمع معين، وفيه علاقة وثيقة بين اتجاه الفن واحتياجات المجتمع، ودا هيوفر علينا أسئلة كتير وعلامات تعجب أكتر!
فلما تشوف مثلا لوحات فنية من القرن ال16 أو ال17 (وأكيد انت متخيل دلوقتى شكل الرسم ازاى، اللى أكيد مش تكعيبى ولا سيريالى بطبيعة الحال) هتفهم المجتمع دا كان عايز إيه وعايش ازاى، ولما تشوف دلوقتى لوحات من النوع التكعيبى أو السيريالى اللى غالباً معظمنا مش فاهم موضوعاتها! هتعرف برضو المجتمع عايز إيه، والأكثر من دا إن المدارس الفنية تقريبا كلها متشابهة، يعنى المدارس الموسيقية مثلا تشبه إلى حد ما المدارس التشكيلية وحتى المدارس الأدبية (خلال نفس الفترة الزمنية)، على سبيل المثال:
قارن بين موسيقى كلاسيك ولوحة تشكيلية من نفس الفترة، غالبا هتديك نفس الانطباع: شعور جارف بالجمال.
قارن بين نص من الشعر الحر أو قصة من الواقعية السحرية ولوحة تشكيلية من المدارس الحديثية (تكعيبية مثلا)، هتديك نفس الانطباع برضو: اللى هو مش فاهم حاجة!
حتى ممكن تاخد بالك من فيلم قديم لعماد حمدى مثلا وفيلم جديد لأى حد.. وقارن بين حالة الرومانتيكية الجياشة ونظام الحديث الخطابى فى أى حوار (اللى بنعتبرها دلوقتى أفورة) وبين أى فيلم عادى دلوقتى. لكن لأنهم كانوا بيعبروا عن واقع العصر ف احنا مصدقينهم ومقتنعين ب(الأفورة) دى، لكن لو جيت تقلد دا فى فيلم جديد، هيبقا فيلم منبوذ وفاشل، ليه؟ لأنك خرجت عن واقع عصرك... ومن هنا تقدر عن طريق فهم المدرسة إنك تفهم المجتمع (مش العكس لأنه مش هيحصل بسهولة) فإنك تفهم مثلا مدرسة أدبية دا يديك بعد نظر واستقراء جيد لأمور المجتمع..
ـــــــــــــــــ

وحتى لايفوتنى الأمر:
الآن ع التلفيزيون الأخ أحمد عبده عوض بيمارس طقوسه فى الشفاء اللى بتميل لحد كبير لطقوس الدجل والشعوذة، رغم إن الكلام دا كان بيتعمل كتير (فترة ما قبل الثورة ق.ث) والواحد كان بيصدقه (إلى حدٍّ ما) وبنحترمه، إلا إنه دلوقتى فقد كل دا، لدرجة إن والدتى نفسها اللى بتقول كدا وهى اللى مكانتش بتفوت برنامج دينى... ليه؟
لأن ببساطة حاجات المجتمع اتغيرت والمجتمع المصرى قبل الثورة غير بعد الثورة.
كأن الممارسات دى نوع من أنواع الفن...؟ محتاجة تفكير :)

ـــ
نقطة أخرى عن: تذوق الفن
ظاهرة سلبية خصوصا فى مجتمعنا وهى انطوائية الفنان على فنه، يعنى مثلا تلاقى الأديب (أو خلينا نقول كاتب القصص مثلا) تلاقيه حاطط كل تركيزه على قراءة القصص، وبستغرب من بعض (الكتاب) اللى مبيقروش غير فى القصص وف أفضل الأحوال فى الأدب بوجه عام! بحسه نوع من النفعية؛ إنك عشان تاخد حاجة انت عايزها متقراش غير فيها (هات وخد)
لو جيت تبص على المجتمعات الفارزة للفن المتكامل تلاقيها مشتملة على كل الفنون، لأن الفن كتصوير للحدث: الأدب بقوة الكلمة، والموسيقى بقوة اللحن، والرسم بقوة اللون، كل نوع من أنواع الفنون دى بتسلط الضوء على جانب من جوانب الحياة بقوتها الخاصة، وذائقة الفن السليمة لازم يكون عندها قدرة للاستجابة لنداءات الكلمة واللون واللحن، لأن الجمال المفروض مالوش حدود، يعنى تحبس نفسك فى رواية جميلة، أو مقطوعة أو لوحة، فانت بتحرم نفسك من جوانب أخرى للجمال، الجمال اللى المفروض أصلا صورة من صور الكمال.

لو خدنا شريحة معينة كمثال واتكلمنا عن باريس (بدايات القرن ال20) تلاقيها شاملة لكل أنواع الفنون (أدب، فن، موسيقى)، لدرجة إنى ممكن اعدلك عشرة من أعظم فنانى وأدباء العالم كانوا بيقعدوا فى نفس القهوة وبعضهم كانوا ساكنين مع بعض..

باختصار نظرتنا للفن ككل محتاجة تتغير، مش يمكن لما نفهم الفن، نفهم مجتمعاتنا؟!
ــــــ
على هامش الكتاب:

الكتاب بيتكلم عن ثلاثة رواد فى الفن التشكيلى وكل واحد رائد لمدرسة

هنرى ماتيس (المدرسة الوحشية)
بابلو بيكاسو (المدرسة التكعيبية)
سلفادور دالى (المدرسة السيريالية)
ـــ
بالنسبة لهنرى ماتيس، فدا لم أتذوقه كثيرا، لأنه عبارة عن تعديل فى المدرسة الإنطباعية، وكل التجديد عنده فى استخدام الألوان، لكن دى تُعتبر أفضل لوحاته، ودا واضح من استخدام اللون على جانبى اللوحة، والظل الممتد من الجبهة حتى الأنف، واللون الأزرق المميز للشعر، كل دا استخدام عبقرى للألوان:


أما بابلو بيكاسو:

فيجب قبل أن تحكم عليه أن تعرف أن عبقرية بيكاسو وصلت إنه تفوق فى كل أنواع التصوير حتى الكلاسيكى، حتى فى سن حوالى 15 سنة رسم اللوحة دى


حتى إنه طور من الكلاسيكية نفسها ورسم نوع سماه الكلاسيكية الجديدة زى اللوحة دى، اللى تشبه اللوحات الكلاسيكية مع تطوير بيكاسو

والنوع دا من البشر مش هيقدر يحط نفسه فى مساحة معينة وكان لازم يبحث عن شيء يناسب قدراته، فكان الفن التكعيبى..

أما بالنسبة للفن التكعيبى نفسه، فلابد من كلمة:

قوة الفن الكلاسيكى فى الإحساس يعنى مثلا لوحة زى
Flamming June

لابد أن تشعر بدفقات الجمال ، وهى دى قوة الفن الكلاسيكى (الإحساس، اللى هو أسهل تأثير على أى إنسان عادى، اللعب على مشاعره)
ومن هذا المنطلق اكتشفت قوة كل مدرسة:

فالمدرسة الكلاسيكية قوتها فى الإحساس فليس لك إلا أن تترك إحساسك وتحلق مع الجمال.
المدرسة الانطباعية قوتها فى الألوان والإضاءة يعنى جرب تحط اللوحة دى مثلا اللى هى أم الأعمال الانطباعية

علّقها ع الحيط عندك فى مكان مناسب مع إضاءة مناسبة (بحيث تكون بحجمها الطبيعى) واتفرج ع التأثير.
المدرسة التكعيبية قوتها فى الزوايا والخطوط، ومن هنا بدأ الفن يرتبط بالعقل بعد ما كان مجرد إحساس، فأنت محتاج ترجّع كل الأشكال لأصولها الهندسية، وعامة النوع دا بيبحث فى الأصول، ودى تعتبر من أهم أعمال بيكاسو، محتاجة تركيز شوية، اسمها "المرأة الباكية"


مشكلتنا إننا بنعتبر إن الرسم الجيد هو فقط القدرة على نقل التفاصيل بدقة، ودا غالباً مفهوم غلط، دا غير إننا متعودين نشوف اللوحات بعينينا فقط، ودا بينقل الصورة ناقصة، خصوصا لو من المدارس الحديثة، يعنى لوحة زى دى لبيكاسو رسمها بعد القصف النازى لقرية جورنيكا

صعب إنك تتذوقها بمجرد الرؤية، يعنى مثلا حاول تستخدم باقى الحواس لمحاولة الدخول فى عالم بيكاسو، اسمع صراخهم، شم ريحة الدمار، وحس بالألم، ممكن بالطريقة دى نقدر نفهم بيكاسو..

المدرسة السيريالية عكس المدرسة الكلاسيكية تماما رغم إنهم بيشتركوا تقريبا فى نفس الأسلوب فى التصوير (نقل التفاصيل كما هى)، إلا إنه فى حين الكلاسيكية قوتها فى الشعور، فالمدرسة السيريالية قوتها فى اللاشعور، ودى بدأت مع ظهور أفكار فرويد..
اللوحة دى من أهم أعمال سلفادور دالى، وواضح فيها اللاعقلانية وتضارب الزمن، ودى من الأعمال اللى اتأثرت بأفكار أينشتاين عن الزمن


وبتمازج ال3 مدارس دي نقدر نفهم طبيعة العصر، اللي عايش حالة من اللاوعي ناتجة عن التطور المُفاجيء والغير مُستوعب، وحالة القلق والخوف اللي ظهرت بشكل أفجع بعد الحروب العالمية، وظهور الأسلحة النووية، ومن ساعتها انتهى بحث الإنسان عن قيم الجمال زي ما كان أيام العصور الكلاسيكية والرومانتيكية، وبدأ بحثه عن مخرج من حالة القلق المستمر، وهروبه من الوعي للاوعي!
ـــــــ

ﻓﻨﺎﻧﻮﻥ ﻋﺎﻟﻤﻴﻮﻥ - ﺍﻟﺠﺰﺀ ﺍﻷﻭﻝ:

ﻓﻨﺎﻧﻮﻥ ﻋﺎﻟﻤﻴﻮﻥ - ﺍﻟﺠﺰﺀ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

الأحجار الطائرة

للوصول للمدينة الجديدة التي أزورها لأول مرة، حلّت خطاي المحطة التي تبعد عن منزلي ثلاثة أحياء صغيرة وأرضًا صحراوية ناجيةً من آثار التمدن حوله...