الأحد، 11 ديسمبر 2022

الكوميديا الإلهية - الجحيم

فيما يلي مجموعة تغريدات (ثريد)، استمرت في التشكل بداية من الأنشودة الأولى حتى اكتملت عند الأنشودة الرابعة والثلاثين من الكوميديا الإلهية. فيها مجموعة من الخواطر الغير مترابطة، وإنما جمعها مزاجي الآني وانطباع قراءتي وقتها، الطريقة التي وجدتها مُثلى للعودة لكتابة مراجعات الكتب، إن شئنا تسميتها مراجعة!


التغريدات

دانتي أليجييري - الجحيم
*مشروع ثريد مفكّك، بلا هدف أو هيكل محدد

Artist: Paul Gustave Doré

إن كنت فاعلا للخير، وتتباهى بذلك، فذلك قد لا يعدو كونه جبنًا منك لممارسة فعل الشر الذي تشتهيه نفسك، فإما لم تسنح لك الفرص لذلك، أو سنحت فجبُنت.
حينها فعل الخير قد لا يعدو كونه حلًّا بديلا.

مقدمة المترجم "تلخيص للأنشودة الثالثة"

لهذا فسماء دانتي العادلة - الذكية- فطنت لهذه الغريزة، فشيّدت لها صرحًا مخصصًا في الجحيم. أتذكر نجيب محفوظ بصورِه المرئية التي يستطيع من خلالها وصف صوت أو مشاعر بطريقة شديدة الانسيابية والسهولة، كأنه اكتشف رابطًا كان خفيا بين الأشياء التي اعتدناها.
هنا دانتي يقوم بتصوير مجسّم لصوت صراخ المعذبين فالأصوات تتلاطم من كل الاتجاهات، بعنف كذرات الرمل في صحراء تشهد نوة عنيفة.

الأنشودة الرابعة:

موضوع هذه المقطوعة (لو لم أقرأ ذلك في مكان ما، فلن أحدس ذلك بالطبع 🙂) هو نزول المسيح إلى الليمبو (أول حلقات الجحيم) لإنقاذ أرواح بعض الصالحين الذين لم ينالوا التعميد. (youtu.be/hkYGD9LCNXk) و بالمناسبة مؤلف المقطوعة هو أنطونيو ساليري مُعايش موزارت والذي قام بدوره Murray Abraham
في الفيلم الرائع أماديوس.

وهذا تصوير للمسيح ينزل الليمبو لإنقاذ بعض الصالحين.
مما يظهر في جحيم دانتي أن الأفضلية كانت للأنبياء (بالمعنى الإسلامي) مثل آدم وموسى وداود وراحيل (زوجة يعقوب).
على الفلاسفة وعظماء التاريخ (أرسطو، أفلاطون، جالينوس، ابن سينا، ابن رشد، صلاح الدين، وغيرهم)
Andrea Bonaiuti:

فيرجيل وهو يصطحب تلميذه دانتي في العالم الآخر وقد وصلا إلى الليمبو؛ مقر عظماء العالم القديم، ومقر فيرجيل أيضا حيث سيترك تلميذه دانتي يكمل رحلته، ففيرجيل لا يستطيع الخروج من الليمبو، حيث قضت المشيئة الإلـٰهية.
Eugène Delacroix:

أوبرا إليكترا-شتراوس

واحدة ممن اختارهم دانتي في صفوف العظماء في الليمبو. (youtu.be/ksByBZTbadA) لوحة مدرسة أثينا الشهيرة لرفايلو مستوحاة من صورة فلاسفة أثينا (أرسطو، أفلاطون، سقراط، وغيرهم) وهم مجتمعين في أحد قصور الليمبو يتشاورون ويفكرون.

قصة شيقة على الماشي من الميتافيزيقا اليونانية، وبعض المقطوعات هدية
(من الحواشي، للمترجم حسن عثمان)

الأنشودة الخامسة:
في رأيي يُضاف هذا التعبير إلى صيغ التجديد عند دانتي بالنظر إلى شكل الأدب في عصره (~1300م)، هذه الجملة الاعتراضية لتفسير بيت سابق، تضفي حيوية للنص وانتباه الكاتب إلى حالة القارئ (إشراكه ربما في تحديد وجهة النص؟)..

وفي نفس الوقت هو لم يحاول تعديل البيت السابق لجعله أكثر وضوحًا، ولكن كلاهما يشكّلان الصورة التي أرادها من دون أن يتنازل عن معنى لصالح الآخر. يُلاحظ التشابه بين صفات الخطيئة (الشهوة) وشكل العذاب.
فالشهوة تستعبد الجسد، وتطوّح العقل في كل الاتجاهات دون استقرار أو شبع.

بطلا الأنشودة الخامسة
باولو وفرانشيسكا
يقرآن قصة حبيبين، قادتهما القراءة إلى موضع استعار الحب بينهما في مشهد ملامسة الشفاة، فما كان منهما إلا أن استجابا للغواية واستغرقا في قبلة طويلة.
من خلف الستار يرقبهما زوج فرانشيسكا الذي عاد بوشاية، فقتلهما.
وثلاثتهم في الجحيم.
ديلاكروا:

تصوير الغضب عند دانتي.
"الأنشودة السادسة"

الأنشودة السابعة
أنشودة البخلاء والمبذرين وسريعي الغضب والكسالى

لفت نظري الانتقال من الحكي إلى المُناجاة؛ أسلوب آلفه في الأدب الحديث وقل ما وجدت هذه العذوبة والشاعرية في نص قديم.

عن خرائط جحيم دانتي: (atlasobscura.com/articles/mappi…)

#أسلوب_دانتي
"أن قوما تحت الماء يتهدون، و يملأون بالفقاقيع هذا الماء عند السطح..."
أبسط شيء ممكن يوصف الأسلوب دا هو "ضرب عصفورين بحجر واحد"
صورة الفقاقيع كجزء حي من عالم الجحيم المرعب،
لكن في نفس الوقت وظفه في تعذيب طائفة من الآثمين؛ ترابط جزأين متباعدين بيزيد من واقعية الحدث.

ها نحن ذا في الأنشودة الثامنة/ الحلقة الخامسة، على أبواب مدينة الجحيم-ديس،
بداية الجحيم الدنيا.
يستدل الشياطين على الأحياء من آثار وزنهم فالموتى لا وزن لهم. هكذا عرف شياطين مدينة ديس دانتي.
لكن ما الشيء النفيس في مدينتهم الذي يجعلهم يحمونها بهذا الشكل!

في مخيلتي مشروع مقولة، أو مَثل
عن شخص يستميت في حماية مكانة أو ممتلك لا يعود عليه منه سوى الهلاك والخسران. في بداية الأنشودة الثامنة يخصص دانتي الأبيات العشرة الأولى لوصف حالة الإخفاق التي شعر بها فيرجيل لعدم دخولة مدينة ديس. لكن فيرجيل الراعي والحامي لدانتي في رحلته ينتبه لأثر خوفه الظاهر، على دانتي. فيحاول أن يخفي مشاعر القلق البادية طمأنةً لدانتي.

أجد نفسي مشدوها لأساليب كهذه فأقرأها بتاريخها لا بتاريخنا. وأجد فيها العبقرية المتعديّة للأزمان.
يقارن عقلي بينها مثلا وبين الديكاميرون.. وبين المقامات، فأجد دانتي عبقريا بحق، فكأن المقارنات وضعت حدًّا للمسموح والمتوقع، وأساليب كهذه تكسر حدود المتوقع. أحيانا أخرج من قراءة الأدب إلى قراءة العصر من خلال الأدب، وكما يشدني الأدب الجيد، يشدني أيضا قراءة تطور الأدب من خلال الأدب. في الأنشودة العاشرة الآن، وأقرر ألا أستمع إلى الموسيقى الكلاسيكية أثناء القراءة.
في الفترة الأخيرة أجد نفسي أبتعد شيئا فشيئًا عن عادة السماع إلى الموسيقى أثناء القراءة، وهي كانت الرفيق الدائم لها.
ذلك أني مؤخرًا وجدت أن الهدوء والصمت يتيحان للقراءة أن تظهر بصوتها الخاص.
يشبه هذا>

الاستنتاج، تفضيلي في بعض الأحيان عدم استخدام جهاز الأذن أثناء التمشية للتمتع بصوت الأشياء من حولي؛ أبواق السيارات، المارة، الطبيعة إن توفّرت، باختصار كل ما يُعرّف الشارع. يتيح هذا اكتمال تجربة التمشية. إلا إذا كانت تجربة عن غير رغبة بالطبع، حينها يكون جهاز الأذن مثالي لعزل الصوت

الأنشودة ال11 على مشارف الحلقة السابعة في الجحيم.
يضع دانتي الخونة في أسفل السافلين، في أعمق حلقات الجحيم حيث مأوى لوتشيفر (ديس)
تستطيع أن تستنبط الكثير حول أي فلسفة دينية من خلال تقريرها للإثم الذي يودي بصاحبه إلى الدرك الأسفل من الجحيم.

اختار دانتي فطرته وقلبه الرافضين للخيانة

الأنشودة الثانية عشرة بداية غور الجحيم.
يستخدم دانتي بعضًا من صور الميثولوجيا الإغريقية في وصفه للجحيم،
لا يمكن القطع أن الجحيم كقطعة أدبية، مصدرها الرئيسي الدين المسيحي أو الوثنية الإغريقية، ولكن تكاملا بينهما ليسع خيال دانتي. ولكن هنا أريد أن أشيد بالمترجم (حسن عثمان) الذي بإضافاته وحواشيه جعلت من قراءة الجحيم متعة متواصلة من دون جهد البحث عن مرامي دانتي وهو يستخدم التوريات كثيرا مفضلا إياها عن التصريح المباشر.

قراءتين هنا:
١): "ذلك الجبين..." لا يظهر من الآثم في نهر الدم سوى جبينه، يعرف القارئ مسبقا شكل العذاب في هذه الحلقة، ولكن إبراز صور كتلك من وقتٍ لآخر تضعني دائما في "قلب الحدث" وهذا أمتن له كثيرا كوني أميل للشرود والتشتت.
وربما هذه طبيعة القراءة بعامة لهذا وُجدت الصور والمحسّنات!

٢): في البيت ١١٤ (ليكن هذا...) شعرت فورًا بفقدان الألفة الدافئة التي خلقها ڤيرجيل في رفقته لدانتي، فهو - وللمرة الأولى- لا يصبح الدليل والحامي الأول لدانتي ولكن الكنتروس الأكثر علما ودراية ببيئة تلك الحلقة، فلكي يعبرا بسلام هما بحاجة إلى عبور نهر الدم وتجاوز أكثر مواقعه عمقًا. بالمناسبة (وهي مناسبة بعيدة لكن طالما يقتضي تسجيل كل ما يدور في ذهني حول قراءتي)
أتذكر دائما مسلسل (الملك فاروق)، بالشخصية التي لعب دورها عزت أبو عوف،
وبالتأثير الذي تركته فيّ بعد موته.
يتطابق هذا التأثير ربما مع تأثير انسحاب ڤيرجيل من إرشاد دانتي وإن لم يكن انسحابًا كليًا. الأنشودة الرابعة عشرة
حكاية من حكايات ڤيرجيل لدانتي.
يأتي ذكر مدينة دمياط:

من حواشي المترجم:

الأنشودة الخامسة عشرة
أنشودة الملوطين (كما يسمّها المترجم، هذا مرادف جديد أعرفه)

"كما يحدّق حائك عجوز في سَمّ الخياط"
هكذا يقيم دانتي تشبيها من الواقع ولا يترك الصورة تمر مرورا عاديا بل يعطها هذه الأهمية بوضع الصورتين معا في خيال القاريء.

يستأذن أحد الأثمين أن يصاحب دانتي قليلا
فيوافق دانتي فورا الذي تعرف عليه ، بل يعرض أن يبقى معه في الجحيم إذا أراد ذلك.

(مصري): ودي عادة المصريين في عزومة ال مراكبية.

الأنشودة العشرون: أنشودة العرافين والدجالين

يجعل دانتي عذابهم أن تلتوي رقابهم إلى ظهورهم فتصبح خطواتهم إلى الوراء.

دائما يجد دانتي المقاربة المثالية بين الخطيئة وشكل العذاب.
فهم تحدوا الطبيعة بسحرهم ونبؤاتهم للمستقبل (الأمام) فهاهي تعاقبهم اليد الإلهية بأن يسيروا عكس المستقبل.

صور كهذه هي ما تجعل العمل إنسانيًا وترفعه من مجرد خيالٍ رحب أو فانتازيا مسليّة.
فيضع دانتي نفسه بروحه وعقله في موضع الحدث فيجد نفسه لا يحتمل النظر إلى ما يعانيه المعذبون الذين يشترك معهم في الإنسانية بانتصارتها وهزائمها، فيشعر بألمهم كأنه هو الذي يتعذب.

الأنشودة الحادية والعشرون
القطران المغلي يتعذب فيه المرتشون.
يصور دانتي غليان القطران، الذي لا يكتسب حرارته من نار أو فاعل خارجي وإنما من نفسه فأداة العذاب نفسها تكسب قوتها من ذاتها لا بفعل قوة خارجية، وهذا إمعان في قساوة العذاب وجبروت الذي أراد لها ذلك.

الأنشودة السابعة والعشرون

في الحواشي - في شرح هذا البيت- يقول المترجم أن دانتي يقصد أن المدينة المُشار إليها تقع على نهر الساڤيو. لكن فضّل دانتي أن يسوق هذه الجملة البسيطة في هذه الصورة العذبة، والمنعشة.

الأنشودة الثامنة والعشرون

أقصى ما أطمح إليه من مترجم عربي هي الموضوعية والحيادية، وعدم إخضاع النص لهوىً أو عقيدة.
وما أسهل علينا نحن العرب أن نُخضع إرث الغير لهوانا وعقائدنا متجاهلين حقيقة أن ذلك لا يختلف أي اختلاف عن الخيانة والزّور- ذنبين آخرين يعاقب عليها الله!

طيلة قراءتي وأنا معجب بموسوعية المترجم وفهمه الشمولي لقصيدة دانتي،
بدون هذا الفهم ما استطعت فهم القصيدة، من خلال حواشيه التي ما خلت من تفاصيل وشروحات طالت جوانب سياسية، تاريخة اجتماعية، دينية، فلسفية، فنية،

كلها ساهمت في رسم صورة كاملة وواضحة عن القصيدة، لمن ليس لهم نفس القدر من الموسوعية، لكن تدفعهم رغبة في قراءة نصوص من التراث الإنساني الخالد،
لكن أسفا مع هذا التعليق تنهار موضوعية المترجم ويسقط جزء كبير من ثقتي، التي نشأت خطأ من موسوعيته التي رسمت في مخيلتي شخصا مولعا بالفن والأدب

كل ما أطمح إليه الآن هو أن يستمر في الإقرار في حواشيه بقراراته الغير مسؤولة كتلك، فأستطيع ويستطيع غيري تداركها في لغة أخرى! طبعا يبقى احتمال قائم أنه خشى ترجمة هذه الأبيات لما سيحيق به من شتى ألوان العذاب في الدنيا قبل الآخرة.
لكن أستبعد هذا الاحتمال لأنه برر قراره بوضوح في الحاشية، بما يوحي أنه غير مُضطر أو مغلوب على أمره، وإلا خالف سجيّته مرتين؛ الأولى بأنه خان الأمانة الأدبية والثانية أنه كذّب نفسه

هذا هو الجزء الذي اجتزّه المترجم بدعوى التطاول على النبي،
للأسف الإنجليزية المستخدمة صعبة الفهم عليّ ولا تخضع للمترجمات الإلكترونية. للأسف حرمنا المترجم من معرفة فكرة دانتي عن الإسلام ونبيِّه، ليس من المعقول أن يقرأ ويعرف العالم أجمع ولكننا نجهل رأيه عنا.
ما أقبح السلطوية!

بعدما أحطت بالمحذوف من القصيدة، أعترف أن الموضوع أكبر من المترجم. الأنشودة الثانية والثلاثون

معذَّبان منغمسان تحت بحيرة متجمدة من برد الزمهرير، أحدهما يصرخ بعدما تناوش معه دانتي، فينزعج الآخر، ويطلق ألطف نكتة سمعتها في الجحيم.

بوابة الجحيم لرودان


مستوحاة من جحيم دانتي.
ذُكِر هذا العمل في بداية الجحيم، أذكره الآن- في الأنشودة الثالثة والثلاثون، لأنها ضمّت بين ما تضم من شخصيات القصيدة، شخصية أوجولينيو، الذي غُدِر به وحُبس مع أبناءه في أحد أبراج پيزا، الذي ماتوا فيه جميعا من الجوع (artsandculture.google.com/asset/the-gate…)

الأنشودة الرابعة والثلاثون - أنشودة لوتشفيرو

صورة المعذّبين في الحلقة الأخيرة من حلقات الجحيم، تذكرني بالصورة السينمائية التي توظف منظر الموتى داخل آنية زجاجية ملآى بمحلول ما، توظفها في بثّ الرعب، ودائما تنجح هذه الفكرة وتتكرر من فيلم رعب لآخر.
هنا، ربما ابتكر دانتي هذا المشهد..

الحواشي من ٨ إلى ١١:
لا يترك المترجم النص مُبهمًا إلا وفسّره، وربما هذا الإبهام أخطر من غيره لأن ظاهره شطحة بلا تخطيط، وهذا التفسير واضح أنه نتاج بحث واستقصاء، لن يبلغهما القارئ.
هذه من أفضل الترجمات التى بغض النظر عن سقطته في إسقاط نص كامل، كانت خير معين لي في هذه الرحلة الطويلة

وأخيرا.. تنتهي رحلة الجحيم.

الأحجار الطائرة

للوصول للمدينة الجديدة التي أزورها لأول مرة، حلّت خطاي المحطة التي تبعد عن منزلي ثلاثة أحياء صغيرة وأرضًا صحراوية ناجيةً من آثار التمدن حوله...