الثلاثاء، 19 أبريل 2016

السراية الخضراء

My rating: 5 of 5 stars

هناك طريقة لطيفة أتبعها لتسهيل التعاطي مع الحبكة ودراستها، وهو تحويلها لرسم بياني بين الشخصيات والزمن، حيث تمثل القفزات في المنحنى مقدار الطفرات في الأحداث، فيمكننا اعتبار ميل الشخصية على الزمن هو الحدث نفسه، وبهذه الطريقة يمكننا تتبع الأحداث وتطورها وعلاقتها بالشخصيات وتزامن التطور لكل شخصية مع الأخرى في مرحلة زمنية ما.
طبعًا هذه الطريقة لا تقيس قوة الحبكة وإلا كانت إهانة للأدب، لكن فقط دراسته.
لو رسمت منحنى الحبكة لهذه الرواية ستجد انحناءات وطفرات كلها في مدى زمني قصير، فيها من التكثيف والتركيز شديد الدهاء بما تحتويه نوفيللا بهذا الحجم الصغير، كل قفزة في المنحنى تمثل اندهاشة غير متوقعة، لتنتهي الرواية عند حد من الدهشة، تجعلني أعجب من مقدرة ماشادو دي أسيس على اتخاذ قراره المبكّر بالتوقف هنا، عند الصفحة 55، لأنها فقط اكتملت، هذا رجل لا يضعف أمام الحشو، والأماني الكاذبة أمام حجم الرواية، ولكن واضح، وأستطيع أن أشعر بذلك، إلى أي مدي شعوره باللذة بعد أن أهدى روايته تلك نقطة النهاية. هذه رواية عبقرية في أسلوبها الساخر وكأنها تؤكد لي من جديد على أن الساركازم في الأدب ربما هو معادل لعظمة النص، بما يحتويه من نقد بليغ قصير وخاطف، مما لدى أديب حقيقي يتمتع بهذا القدر من اللماحية والذكاء وسرعة البديهة. رغم أنها كُتبت في فترة مُبكّرة نوعًا إلا أنّها رواية متقدمة جدًا، بالنسبة لي تحتل موقعًا مميزًا في أدب الواقعية السحرية.
ختامًا، شكرًا للعزيز هاني عبد الحميد، فمصادفة من نوعٍ ما لم تكتف بصديق نبيل وحسب، بل أيضًا بصديق يتمتع بذائقة أدبية رفيعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

الأحجار الطائرة

للوصول للمدينة الجديدة التي أزورها لأول مرة، حلّت خطاي المحطة التي تبعد عن منزلي ثلاثة أحياء صغيرة وأرضًا صحراوية ناجيةً من آثار التمدن حوله...