الأحد، 30 أغسطس 2015

كونشرتو



اشرب كثيرًا وفكر بقليل من الوعي أو بكثير من الثمالة في العالم من حولك، ربما المشكلة أنه لديك وعي، تخلص منه إذن، بأن تشرب أكثر حتى تفقد الصلة، ستصير أسرع المشاة من حولك والجميع يتحرك ببطء مثل مشهد سينمائي بطيء. هكذا إذن ابدأ مسيرتك لأن أحدًا لن يلحق بك، طاقتك عالية وتفكر في الرقص على موسيقى تكنو، لكن من أين تحصل عليها الآن وسريعًا، سماعات تليفونك، نعم بالضبط، تقوم بتثبيتها أعلى طبلة الأذن. يبدأ الدق عاليًا، تدرك فجأة أن الجميع من حولك يرقص على موسيقاك، كلهم يرقصون، وأنت لم تبدأ بعد، تخلع السماعات من أذنيك فيتوقفون عن الرقص، ويعودوا لحركتهم البطيئة، تغير الأغنية، تعيد السماعات إلى أذنيك، فيرقصون. هذه إذن شفرتهم، قمت بحلّها، بطيء- تكنو- رقص، لكن أليست هذه حركات الكونشرتو! نعم بالضبط؛ أليجرو، أدانتي، أداجيو، أو شيء من هذا القبيل.. أنت إذن جزء من الكونشرتو الكبير، يظهر فجأة مايسترو بدون عصا، لكن بذلته غاية في الأناقة، ذلك يدفعك لأن ترقص أكثر لأنك جزء من الكونشرتو. ألازالت السماعات في أذنيك؟ بالطبع.. لأنهم لم يتوقّفوا عن الرقص بعد.
أنت أيضًا ترتدي بذلة أنيقة، تكتشف ذلك من صورتك المنعكسة على مرآة محل الملابس. المايسترو يغيب، لكن ما فائدة المايسترو؟ إنه السؤال الذي ظل محبوسًا طويلًا داخل وعيك، والآن وأنت في لاوعيك تسخط عليه، تشعر أنك تفضله، ليس بإمكانه أن يوقف الرقص مثلك. أنت مايسترو، حتى وإن كنت ساخط على المهنة، لكنها شرف، تنكر أنها شرف؟!
ما الذي سوف تفعله الآن كي تكون مايسترو حقيقي؟ تشرب أكثر لتبقا داخل لاوعيك، لأنك لست شجاعًا بما يكفي لتواجه حقيقة المايسترو خارج حلقة اللاوعي.
ابدأ إذن بتنظيم الكونشرتو من خلال السماعات، لديك الآن حل الشفرة؛ بطيء- تكنو- رقص.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

الأحجار الطائرة

للوصول للمدينة الجديدة التي أزورها لأول مرة، حلّت خطاي المحطة التي تبعد عن منزلي ثلاثة أحياء صغيرة وأرضًا صحراوية ناجيةً من آثار التمدن حوله...