الاثنين، 27 يناير 2014

في ظل الرجل المُبجَّل

والله يا إخواني هذا ما رأيت بأم عيني، رأيت ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.. كنت أمام مبنى ديوان المحافظة، وكان هجير الشمس يحرق رؤوسنا، رغم أننا في الشتاء، صاح البعض مِنّا أنه النفير والنفخ في الصور، لكننا تماسكنا وتحاملنا وتناسينا ذنوبنا على أمل أن يصِل السيد المُبجّل ويلقي خطبته فنقع صرعى تحت قدميه وتخر له الشمس ساجدة وترحمنا، ويُغفر لنا ما تقدم من ذنب قبل أن نُعرض على الرب، ورأيت هناك، ولا أستطيع إغفال هذا المشهد رغم أني حاولت، لكن غرابته منعتني.. ربااه، رأيت كلبا لونه كاكي يُضاجع قطة سوداء حقيرة ورغم أن لا أحد لاحظ هذا المشهد إلا أنني كنت مرتعدا وكنت أنتظر أن يجري الكلب خلف القطة كعادته لكنه ظل يُضاجعها بطريقة غجرية، وللعجب كانت القطة مستمتعة وتريد المزيد بحركاتها الارتجاعية للأمام والخلف مثل البشر تمامًا.. لكني هربت بنظري منهما حتى لا يلحظني الكلب فيجري نحوي وينهشني. وفجأة صاح أحدهم من أعلى المبنى:
- هلمّوا يا قوم لقد أتى المُبجّل.. لقد أتى المُبارك
فصاح الجميع وهلّلوا: آمنّا بالمُبجَّل آمنا بالمبارك..
وارتجت ساحة الميدان من تحتي، بكت النساء رهبةً وأُغشى على بعضهنّ، وكانت إحداهن تَلد، فسمت وليدها المُبجل المبارك تيمُنًا، وغطتنا جميعًا غيمة أتت على هجير الشمس فكانت غوثًا، وعرفنا أن الغيمة ما هي إلا ظل المُبجل، ثم دخل علينا في عظمة وشموخ ساحة الميدان، وخر الجميع سُجّدا، ورتّلوا بتراتيل لم أسمع لها من قبل وقبلو التراب الذي يمشى عليه، وإحداهن كانت جائعة فأكلت التراب وحمدت المُبجّل على تلك الهبة المُباركة، ثم خاطبهم المُبجل قائلا، وكان الجميع ساجدين مُنكفئين على ظله: رعاياي المخلصين، من أجلكم أطفأت الشمس، من أجلكم غَفرت خطاياكم، من أجلكم ستعيشون في رغدٍ وهناء كما دعوتم دائمًا مُخلصين، ثم بدا الاشتهاء مشتعلًا على وجهه ولمعت عيناه بنورٍ مميّز وهو يرى مؤخراتهم الساجدة أمامه، وفي سلاسة شديدة أزال ملابسه ، وأخذ يُضاجع كل الساجدين، وبدلًا من أن يصيحوا ويصرخوا كانوا يشتهون ويريدون المزيد، بل أنهم ساعدوه بحركاتهم الارتجاعية للأمام والخلف..  حاول البعض أن يصرخ ويحتج لكن الكلب الكاكي كان يجري نحوه لينهشه ويعضه ثم يعود لمضاجعة القطة السوداء، وكانت القطة تتعجله لذلك بلعق التراب، لم أستطع أن أنتظر لإلا يلحظني المبجل فتشع عيناه ويُجبرني على السجود أو ينهشني الكلب الكاكي، فعدوت هاربًا، ظللت أعدو أعدو، ورغم ذلك لم أتمكن من الخروج من نطاق ظل المُبجَّل، فعرِفت أن لا مفر منه، وأنني باقٍ إلى الأبد في ظله، أو تحت رحمة الكلب الكاكي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

الأحجار الطائرة

للوصول للمدينة الجديدة التي أزورها لأول مرة، حلّت خطاي المحطة التي تبعد عن منزلي ثلاثة أحياء صغيرة وأرضًا صحراوية ناجيةً من آثار التمدن حوله...