الأربعاء، 14 نوفمبر 2012

جنة عزازيل

آه يا أوكتافيا، لو أنى أعلم من الغيب خباياه، لما حدث ماحدث، ولكن ماذا حدث؟! هل أخطأت، هل أخطأت حين اعترفت لها أنى راهب مسيحى، هل أخطأت حين آثرت الاعتراف على الخداع. وهل أحبتنى حقا؟! أم كانت تلك غوايات عزازيل التى جمعتنا فى مضجع واحد ننسج بشهواتنا خطايا لاتُغتفر... هل أحبتنى حقا عندما لثمتنى عند الغار المتكوم عند شاطئ البحر، ذلك البحر الذى اعتقدت أن إلهه بعثنى إليها!!

يالسخف الوثنيين حقا!

هل أحبتنى حقا عندما قالت أنها تنتظرنى منذ سنتين كما أخبرتها العرافة الوثنية قبل أن تموت!

ولكن إن كان كل هذا حبا، فلماذا فعلت بى تلك الفعلة عندما عرفت أنى مسيحى، أيُعقل بعد كل هذا العشق أن تطردنى من جنتها- جنة عزازيل- وتهيننى بإهانة لم أُهان بها من قبل ولا من بعد!

أم أنه طبع النساء المتقلب، وهل التقلب يجرى على العشق؛ هل تعشق يوما وتكره يوما آخر، أيُسمى ذلك حبا!

أعترف أنى أخطأت حين سألتها إن كان سيدها الصقلى ينسج مما ننسجه سويا فى أحضان الليل البهيم على أكف غوايات عزازيل.

أخطأت فى تقدير هذا الرجل وأخطأت فى حقك يا أوكتافيا الحبيبة حينما حكمت عليكِ بهذا الحكم القاسى.

لكنى لم أكن أعرف بعد أنه رجل تتعلق روحه بشيخوخته، ولم أكن أعرف أنه يعاملك كابنة له لا خادمة عنده.

فجمالك يا أوكتافيا لا يُقاوم، ألست أنا الراهب المؤمن انصعت لشهوتى بفعل جمالك الجامح.. آه يا أوكتافيا، يا لجرأتك فى تلك الليالى!

وهل يفيد الندم الآن بعد ما رأته عيناى فى ذلك اليوم المشؤوم الذى سُحلت فيه العالمة الجميلة هيباتيا. يا إلهى بأى ذنب قتلت هيباتيا، ألأنها وثنية!!

وهل يشفع هذا للرهبان القتلة- نفس الرهبان الذين قتلوا أوكتافيا وهى تدافع عن هيباتيا.

هل ستشفع لهم يا إلهى قتل هيباتيا وأوكتافيا لأنهما وثنيتين، وهما أرق وألطف نساء رأيتهما فى حياتى التعيسة!

أما علمتنا أن نحب أعداءنا بقدر مايكرهوننا؟!

آه لذاك الزمن، آه لذكرياتى التى تعصف بعقلى عصفا.. أكانت تلك جنة عزازيل أم جهنم الرب؟!


******

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

هجرة مواقع التواصل الافتراضي

      لا أتخيل كيف سيبدو يومي من دون الساعات الطويلة التي أقضيها في تصفح تويتر أو فيسبوك أو تطبيقات التواصل الأخرى مثل ريديت. أتاح لي العمل ...