هذا يحدث عادة.. أن أصير غير مرئيٍّ، وأنا في الغالب لا أصير غير مرئيٍّ بإرادتي، وإنما هو شيء يفوق الإرادة، بحيث أنه شيء أشبه بالمخاض، بقوة دفعه وألمه وقوته المصيرية.
بالأمس عرفت أن ابن عمي قد زارنا وأنا موجود في البيت، وجد الباب مفتوحًا لأن أمي غالبًا ما تترك الأبواب مفتوحة حينما تخرج تحسبًا لتحولي، لكن هذه المرة بالذات اخترت اللامرئية بإرادتي الحرة دون أية آلام، بل كانت التجربة لطيفة. جاء ابن عمي هذا، ولما وجد الباب مفتوحًا ولا أحد في المنزل، دخل وأعدّ لنفسه فنجان قهوة، وجلس يشاهد التلفاز إلى حين عودة أحدنا. نعم نادى باسمي، لكني كنت قد تحوّلت، منذ تلك اللحظة التي سمعت فيها دبيب أقدامه تخطو نحو باب المنزل، ذهبت إليه، وبطبيعة الحال لم يرني، نادى عليّ مرة أخرى مُشرئبًا ناحية باب غرفتي المفتوح، فرفعت عنقي إليه ناحية أذنه وقلت "نعم"، لم يسمعني، نادى مرة أخرى، فصنعت من راحتي يديّ مكبرًا للصوت، وقلت "نعم" بصوت لا أجرؤ على رفعه في حالتي المرئية.
بعدما لم يجد مجيبًا، جلس يحتسي القهوة ويشاهد التلفاز، ثم تابعت طريقي إلى الحمام وأنا أضحك. أستطيع أن أتحول إلى اللامرئية، لكن هذا لا يعني أن بولي يتحول معي، لكنه يحتفظ- رغما عني- بقوامه كاملًا، وإثر ارتطامه بقاعدة الحمام، أحدث صوتًا، كتم ابن عمي صوت التلفاز ليُرهف السمع، ثم نادى عليّ مرة أخرى، فصحت من الحمام: نعم.
لم يسمعني، فكنت أضحك وأنا أتابع التبول الذي استمر أطول من المعتاد نظرًا لاحتباس البول في الفترة التي استغرقتها في التحول. كان قلقًا طوال الوقت، وللمصادفة، قرر أن يرحل في اللحظة التي مررت به عائدًا من الحمام. ظننت أن ذلك شيء مضحك فاكتفيت بالابتسام وأنا أتابع عملية رحيله؛ حمل حقيبة ثقيلة، أطفأ التلفاز، ثم غادر بعد أن ألقى نظرة خاطفة ناحية ستار الحمام، ثم أغلق الباب خلفه. حملت فنجان القهوة ووضعته في حوض المطبخ، فقط لتبدو الأشياء على طبيعتها. في اليوم التالي أبلغتني أمي بحضوره. هي لم تخبره أنني كنت متحولا إلى الصورة اللامرئية، وإنما قالت "لا أعرف" بطريقة مستهينة، هذه هي طريقة أمي في غلق المواضيع الشائكة، فأخبرها أنه سيعاود الزيارة مجددًا في عصر ذلك اليوم.
أغلقت أمي نافذة غرفتي وخرجت، وكانت على وشك أن تقول شيئا، حيث أن غلق النافذة جاء بشكل ارتجالي تقريبا بلا تخطيط، لكني عرفت أنها تود أن تقول لي: لا تتحول. لكنها لم تجد الصيغة المناسبة لذلك. ربما كان فقط عليها أن تقول: "لا تتحول بإرادتك"، لكن من الواضح أيضًا أن هذا مُهينًا لكلينا، فاكتفت أمي بغلق النافذة بشكل مُحبَط.
حين جاء ابن عمي أراد أن يجعل من هذا الحادث شيئًا مضحكًا، جلست إلى جواره وحاولت أن أضحك، لكن صوتي لم يكن مسموعًا، كنت أخرسًا، وعندما تحدث عن صوت الماء في الحمّام، جاءني المخاض لأن الضحك كان مكتومًا أكثر من اللازم، كانت أمي تتابع بقلق، حيث كان عليها أن تضحك وتتابع تحوّلي معًا، أعرف أن ذلك أمرًا شاقًا، لكن ذلك لم يكن شيئًا بجوار آلام المخاض، حيث دُفعت إلى الحالة اللامرئية رغمًا عني، وحين أتممت التحوّل، كان ابن عمي يقول أنه خاف أن يقترب من الحمام فلم يُعِد فنجان القهوة إلى المطبخ، وجدت أن ذلك أكثر شيءٍ مضحك، فقهقهت بأعلى صوتي ممسكًا بطني من ألم الضحك، بعد أن خرج ذلك الجنين العملاق من فمي.
بالأمس عرفت أن ابن عمي قد زارنا وأنا موجود في البيت، وجد الباب مفتوحًا لأن أمي غالبًا ما تترك الأبواب مفتوحة حينما تخرج تحسبًا لتحولي، لكن هذه المرة بالذات اخترت اللامرئية بإرادتي الحرة دون أية آلام، بل كانت التجربة لطيفة. جاء ابن عمي هذا، ولما وجد الباب مفتوحًا ولا أحد في المنزل، دخل وأعدّ لنفسه فنجان قهوة، وجلس يشاهد التلفاز إلى حين عودة أحدنا. نعم نادى باسمي، لكني كنت قد تحوّلت، منذ تلك اللحظة التي سمعت فيها دبيب أقدامه تخطو نحو باب المنزل، ذهبت إليه، وبطبيعة الحال لم يرني، نادى عليّ مرة أخرى مُشرئبًا ناحية باب غرفتي المفتوح، فرفعت عنقي إليه ناحية أذنه وقلت "نعم"، لم يسمعني، نادى مرة أخرى، فصنعت من راحتي يديّ مكبرًا للصوت، وقلت "نعم" بصوت لا أجرؤ على رفعه في حالتي المرئية.
بعدما لم يجد مجيبًا، جلس يحتسي القهوة ويشاهد التلفاز، ثم تابعت طريقي إلى الحمام وأنا أضحك. أستطيع أن أتحول إلى اللامرئية، لكن هذا لا يعني أن بولي يتحول معي، لكنه يحتفظ- رغما عني- بقوامه كاملًا، وإثر ارتطامه بقاعدة الحمام، أحدث صوتًا، كتم ابن عمي صوت التلفاز ليُرهف السمع، ثم نادى عليّ مرة أخرى، فصحت من الحمام: نعم.
لم يسمعني، فكنت أضحك وأنا أتابع التبول الذي استمر أطول من المعتاد نظرًا لاحتباس البول في الفترة التي استغرقتها في التحول. كان قلقًا طوال الوقت، وللمصادفة، قرر أن يرحل في اللحظة التي مررت به عائدًا من الحمام. ظننت أن ذلك شيء مضحك فاكتفيت بالابتسام وأنا أتابع عملية رحيله؛ حمل حقيبة ثقيلة، أطفأ التلفاز، ثم غادر بعد أن ألقى نظرة خاطفة ناحية ستار الحمام، ثم أغلق الباب خلفه. حملت فنجان القهوة ووضعته في حوض المطبخ، فقط لتبدو الأشياء على طبيعتها. في اليوم التالي أبلغتني أمي بحضوره. هي لم تخبره أنني كنت متحولا إلى الصورة اللامرئية، وإنما قالت "لا أعرف" بطريقة مستهينة، هذه هي طريقة أمي في غلق المواضيع الشائكة، فأخبرها أنه سيعاود الزيارة مجددًا في عصر ذلك اليوم.
أغلقت أمي نافذة غرفتي وخرجت، وكانت على وشك أن تقول شيئا، حيث أن غلق النافذة جاء بشكل ارتجالي تقريبا بلا تخطيط، لكني عرفت أنها تود أن تقول لي: لا تتحول. لكنها لم تجد الصيغة المناسبة لذلك. ربما كان فقط عليها أن تقول: "لا تتحول بإرادتك"، لكن من الواضح أيضًا أن هذا مُهينًا لكلينا، فاكتفت أمي بغلق النافذة بشكل مُحبَط.
حين جاء ابن عمي أراد أن يجعل من هذا الحادث شيئًا مضحكًا، جلست إلى جواره وحاولت أن أضحك، لكن صوتي لم يكن مسموعًا، كنت أخرسًا، وعندما تحدث عن صوت الماء في الحمّام، جاءني المخاض لأن الضحك كان مكتومًا أكثر من اللازم، كانت أمي تتابع بقلق، حيث كان عليها أن تضحك وتتابع تحوّلي معًا، أعرف أن ذلك أمرًا شاقًا، لكن ذلك لم يكن شيئًا بجوار آلام المخاض، حيث دُفعت إلى الحالة اللامرئية رغمًا عني، وحين أتممت التحوّل، كان ابن عمي يقول أنه خاف أن يقترب من الحمام فلم يُعِد فنجان القهوة إلى المطبخ، وجدت أن ذلك أكثر شيءٍ مضحك، فقهقهت بأعلى صوتي ممسكًا بطني من ألم الضحك، بعد أن خرج ذلك الجنين العملاق من فمي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.