يقول السيد المحترم ألبرتو مانغويل : "اعطتني القراءة عذرًا مقبولًا لعزلتي، بل ربما اعطت مغزىً لتلك العزلة المفروضة عليّ"لما وقعت عيناى البريئتين على هذا (الكووت) برقتا واتسعتا كأنهما نالا مرادهما وقلت فى نفسى بل وصرخت : يا إلهى إن هذا هو أنا..
القراءة,,,, دعونى أنحنى احتراما لذاتها التى لا ينطفئ أوار حماسها فينا أبدا .لو أن لدى قبعة لرفعتها تقديرا لها, لكن للأسف لا أملك واحدة حيث إن عزلتى ليست بحاجة إلى قبعة تحمى عقلى من الشمس.حتى هذه اللحظة التى أنقر فيها مفاتيح اللوحة.. فإنى قرأت حوالى 46 كتاب فى حوالى 16 شهر ..أعرف أنه مجهود يُربَت به على كتفى.... على الرغم من أن هناك غيرى - الكثيرين - الذين زاد هذا الرقم لديهم ليضاهى المئات بل ويصاول الألوف.. أشاهد تلك المجهودات الجبارة على جودريدز وحقيقة فإن الغبطة تحترق داخل نفسى لما أراها فلا أقوى على شئ سوى الإنقضاض على كتاب لأقرأه فأشبع غبطتى التى لا تشبع ...والثورة أشعلتهاإن بضع حسابات بسيطة تظهر أن هذا الشغف المجنون قد بدأ يعتمل فى عقلى مباشرة بعد الثورة.. لن أجور على حق الإخصائيين النفسيين فى تفسير هذه الظاهرة التى - إن سمحوا لى - ليس معناها إلا أن هذا اليوم الذى اشتريت فيه أول كتاب كانت نقطة فاصلة فى حياتى التى تزامنت مع بزوغ النقطة الفاصلة فى تاريخ مصر..إذن فهناك نقطة, وهناك حياه جديدة ما بعد النقطة.. وحياه تعسة ما قبل النقطة !أما عن عما كان قبل النقطة, فسطور واهية مكتوبة بخط (منعكش) لا أستطيع أنا نفسى قراءتها.. ولكن مع بعض التروى والصبر فإنى أستطيع أن أستجمع كلمة واحدة هى: تفاهة... فى الحقيقة هذا ماكنت عليه وليس من قبيل الصدفة أن تكون نفسها الحالة التى كانت عليها البلد !كأننى أذوب في بلدى, كأننى معنًى لها وهى معنًى لى, كأن هى مرآتى وأنا مرآتها.أحيانا أفكر: ماذا لو كان هذا الشغف قد ظهر منذ صغرى, أعتقد أننى لكنت أصبحت ممن قرأ الألوف من الكتب وتغيرت حياتى كليّا. لكنها المئشية الإلهية أنصاع لها ..وبالعودة إلى كلمة ألبرتو مانجويل: فإن تلك العزلة التى أعيشها كثيرا أصبحت الآن مصدر فخر لى بل وصارت مصدر كل شىء لى ( من المعرفة إلى التخبط, من المتعة إلى الملل) ولكنه ملل من أشياء تتحرك.. غير هذا الملل الناتج عن اللا شىء !فعزلتى الآن هى بنيانى, حتى أنى أصبحت أخشى على فقدانها وأحاول الحفاظ عليها من المتغيرات التى تلتهم العزلة.
فى الحقيقة فإن عزلتى الآن هى ثروتى..