الرمزية في الأدب لا يجب أن تكون مقياسا لجودته، ويجب ألا تُحسب أكثر من مساحة حرة ولكن محسوبة للكاتب، يعبر فيها بلغة الرموز عما يختلج في نفسه بما لا يتجاوز شخصية النص الجديد المستقل عن كل ما حدث قبله.
فلو قرأ النص شخص غير ملم بمضمون الرموز يجب عليه أن يستمتع بالنص تماما مثل شخص استطاع بطريقة ما فك شفرات هذه الرموز (بتجاهل فروقات التذوق بين القارئين) الفرق بين القراءتين هو تفسير النص وهو شيء يرجع للقارئ في جميع الأحوال. فلو حدث أن نشأت علاقة حتمية بين النص والرمز بمعنى أنه لا معنى للنص بدون تفسير الرمز انهارت القيمة الاستقلالية للنص.
أقول هذا لتجربتين:
الأولى: متعلقة بالفيلم الإنجليزي حياة برايان وهو فيلمي المفضل دائما، ورغم مشاهدتي له عدة مرات إلا أني مؤخرا فقط اكتشفت هذا الرابط الواضح بين برايان والمسيح وبين أمه والعذراء، وبين مريديه الأوائل (فرقتي القارورة والحذاء) وبين تلاميذ المسيح. وذلك لأني لا أجهد نفسي في البحث عن الرموز بقدر رغبتي الأولية في الاستمتاع بالعمل، والعمل (مجردا من هذه الرموز) ممتعا لأقصى حد، ناهيك عن تناوله موضوع نشأة الأديان بشكل مبدع.
التجربة الثانية هي في قراءة دانتي، وقد استعمل دانتي حيلة الرموز بشكل ربما مبالغ فيه، ففي قصيدة المطهر مثلا هناك أناشيد كاملة توظف رموزا لتناول موضوعات دينية وتاريخية بحيث أن لكل لاعب في القصة التي تناولها دانتي رمز ميثولوجي ما، بحيث يستحيل على غير الملم بهذه الرموز فهم المعنى الذي أراده دانتي، فقراءة هذه الأناشيد بعيدا عن معنى الرموز، سيجعلها مجرد شطحات عشوائية من الخيال بلا هدف أو معنى، لكن هذا ربما راجع لأمزجة الناس في عصر دانتي وقيمة الميثولوجيا في حياتهم، وهي (علاقة الرمز بالقارئ) موضوع آخر تماما غير الذي أتطرق إليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.