الصفحات

الاثنين، 16 فبراير 2015

الأبله

My rating: 2 of 5 stars

منذ عام تقريبًا كنت قد استمعت إلى مسرحية اسمها "الليالي البيضاء" مسجلة إذاعيًا، أربكت كل حساباتي بشأن دوستويفسكي، ولم أصدق أن صاحب هذه القامة العالية وهذه السُمعة التي تشبه اليقين عند من لم يقرأه، من ممكن أن ينجرف نحو هذا النوع من الكتابات التي تخوض في العاطفة بشكل مبتذل ورخيص، حتى أنني –وحفاظًا على صورة دوستويفسكي التي لا أتمنى أن أخسرها- أرجعت الأمر لتحريف في النص أو ضعف في آداء الممثلين، لكن ذلك لم ينل تمامًا من انطباعي عنه واعتبرتها واحدة من زلاته خصوصًا وأنه كاتب غزير الإنتاج، وكانت رواياته الكبيرة لا تزال تحتفظ بهالتها عندي (الجريمة والعقاب- الإخوة كارامازوف- الشياطين- الأبله..) واليوم أقرر أنني لن أستمر في قراءة هذه الرواية الأخيرة، وأعتقد أن صورة دوستويفسكي بدأت تنهار أمامي، إلا أن تنقذها روايتاه (الجريمة والعقاب- الإخوة كارامازوف) لا أعرف يقينًا متى سأقرر قراءتهما، إلا أنني مُحبط كثيرًا.
قصة ماريا التي ذكرها في بداية الرواية، وتصويره لحكم الإعدام، كانتا مُدهشتين لدرجة جعلتني أستمر في القراءة على أمل أن أجد شيئًا شبيهًا بهما- في طريقة الحبكة والتصوير. هاتين القصتين هما النظير المماثل لصورة دوستويفسكي التي احتفظت بها طويلًا في مخيلتي. ذكرهما البطل (الأمير ميشكين) بصورة عارضة، بعيدًا عن الحدث الرئيسي للرواية.
لكن الرواية نفسها، فلا أعرف يقينًا ما الذي يريده دوستويفسكي منها، ولست مهتمًا أن أعرف، لأنه من الواضح كم التخبط والفوضى في الأحداث. اعتمد دوستويفسكي بشكل كامل على المصادفات، كلها مصادفات مفتعلة يريد منها أن يصل إلى أحداثه التي رسمها للرواية، لدرجة أن الجزء الأول من الرواية (أكثر 300 صفحة) تحكي أحداث اليوم الأول فقط!
أيضًا العلاقات الغير مفهومة بين الأبطال؛ يبني من خلالها أحداثه الدرامية، وتصويره لآلام الشخصيات قائم أصلًا على علاقات غير مقنعة، فتبدو كأنها آلام من لا شيء، وكان ذلك ما شجعني على عدم إتمام الرواية حتى نهايتها: لأنه من الصعب أن أقتنع بأحداث قادمة- مهما وصلت ذروتها- قائمة على هذه الفوضى!
في مسرحية الليالي البيضاء كان دوستويفسكي يريد أن يوجه رسالة للقاريء وهي: "أرجوك ابك فهذا مؤلم". لا أعتقد أنه ابتعد كثيرًا عن هذه الرسالة في الأبله، واضح أن دوستويفسكي عائم على مستنقع فوضوي من العاطفة.
أما بخصوص الترجمة فبالإضافة للتكرار السخيف للحرف "إن" في بداية معظم الجمل على سبيل أن "إن حرف تأكيد" كأنه يترجم مجموعة مقالات مثلًا، فلم أجد موضع هذه العبقرية المشهودة للمترجم، بالعكس؛ الترجمة ضعيفة ولابد أن يكون هناك ما هو أفضل، إلا أن تكون هذا العبقرية والشهرة قائمة على الكم الذي نقله المترجم من الفرنسية إلى العربية، حينئذٍ لا يسعني إلا أن أقول "حسنًا!"


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.