الصفحات

السبت، 21 سبتمبر 2013

المحاكمة والمسخ | كافكا

My rating: 4 of 5 stars

المحاكمة
4/5

مُحيّرة...
ــ
هل تعرف أن كافكا كتبها فى ليلة واحدة من العاشرة مساءًا حتى السادسة صباحاً، المقطوعات الفنية الفريدة فقط هى التى لها مثل هذه السّمة!
مُحيّرة، فماذا أراد بها كافكا!

لأديب يكتب رواية مثل هذه فى ليلة واحدة دون انقطاع، فإنى لا أشك أنه نفسه لا يعرف مدى رمزيتها وماذا أراد بها، فهو –مؤكد- لم يرسم الشخصيات ولم يوزع أدوارها فى الشكل النمطىّ المعهود ولا استخدم المسودات.. لأن كل هذا العمل الروتينى الرتيب يستغرق وقتاً ويستهلك من الروح الإبداعية، فتلك الروح حين تتواجد بقوة فإنها تتبنى كل تلك الأدوار وتسير بلا رقيب نحو الإبداع الحق... كافكا قد تلقى الهمسات الهادرة من ربة الشعر فى تلك الليلة!

كل ما فعله أنه عبر عن نفسه وحالته النفسية الحاضرة فى تلك الليلة بالرمزية.
لكن هذا لا يعنى أن قصته لاترمز إلى شيء، بل على النقيض؛ القصص التى تُكتب بتلك الروح تكون رمزيتها غاية الإحكام ومنتهى الصدق، فى رمزية "المحاكمة" بالذات لها أكثر من تأويل وجميعها قد يكون صحيحا: لكنى أميل إلى هذ التفسير:

فالإنسان حين يفتح عينيه على الدنيا ("جوزيف ك" يستيقظ ذات صباح) يجد نفسه مطاردا محاكما من محكمة القدر، لأنه لا يملك زمام هذا القدر، فالإنسان يأتى الحياة مُسيّراً، وهو مُطالب دائما بإثبات براءته من تهمةٍ لا يعرفها فهو لا يتحكم فى مصيره ولم يأت إلى الدنيا بإرادته، كأنه لم يأت إلا لأن يدافع عن نفسه طيلة حياته!
وهو دائب البحث عمن يدافع عنه (المحامى) ويحلم بذلك المدافع المثالى الذى لم يره أبدا لكنه يعرف أنه فقط من بيديه خلاصه.. وفى النهاية وبعد محاولاته البائسة للدفاع عن نفسه يُحكم عليه بالموت، نهاية حتمية لا مناص منها..

السوادوية والعبثية هما سمتىّ المحاكمة الفريدتين، جعلتا منها قطعة أدبية فريدة، من حسن الحظ أن صديق كافكا لم يستجب لوصيته بحرق أعماله..
لم يعب الرواية سوى هذا الوصف الزائد خصوصا فى الفصل السابع، فى وصف المحكمة ونظامها الإدارى.
الترجمة لا بأس بها رغم التحفظ، لكن أخطأ المترجم حين ضمّن فى المقدمة مقتطفات من الرواية فكان أن (أحرق) بعض أحداثها..

المسخ
3/5

السمة الغالبة لأدب كافكا هو الاستسلام والخنوع للأمر الواقع، فهو فى المحاكمة لم يسأل عن سبب اتهامه ولم يعترض، بل كان يحاول أن يثبت براءته من هذه التهمة.. وفى المسخ كذلك لم يعترض على حالِه الغريب بل أنه أول ما اكتشف تحوله، بدأ يبثّ محاولاته البائسة فى التأقلم على وضعه الجديد ولم يسأل نفسه كيف ولماذا حدث هذا!
ـــــــــــ
المعاملة التى عومل بها جريجور من قبل والديه وأخته بعد مسخه، تثبت رأيا كنت أتبناه وهى أن أى علاقة بين اثنين تقوم على أساس من النفع، حتى بين أعضاء الأسرة الواحدة، فبمجرد ما أن فقد جريجور مزاياه حتى أصبح عبئا ثقيلا على كاهلهم وودوا لو يتخلصوا منه، وبعدما مات جريجور جوعاً استعادت الأسرة نظامها وقررت التريض فى نزهة بعيدا، وإعادة الترتيب لحياة، بدت لها أكثر إشراقاً، كأنما فاقت من كابوس لا يُحتمل..
لا شك أن هذه السوداوية هى انعكاس لطفولة كافكا البائسة!
ـــــــــــــ
الترجمة هنا سيئة للأسف! فى النصف الأول من الرواية كانت شديدة الملل لضعف الوصف، لا أعرف إذا كن هذا الضعف قصور عند كافكا أم أنه بؤس الترجمة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.