الصفحات

السبت، 21 سبتمبر 2013

مقامات بديع الزمان الهمذاني

My rating: 4 of 5 stars

الحكمة:

المقامات أكدت لى فكرة أن حكمة وعقل الإنسان لا تتغير عبر العصور, وإنما الذى يتغير هى الماديات وظاهر الأشياء.
لسان حالى وأنا أقرأ... I feel like :D
أُعجبت كثيرا بحكمة هؤلاء الذين قص علينا عيسى بن هشام من أنباءهم ونوادرهم, فبجانب تلك المتعة الجمة, لاتخلو المقامات من الدروس والعبر, التى لاشك, استفدت منها كثيرا. كما أبهرتنى تلك المقامة الأخيرة (المقامة البشرية), التى كادت تكون من ملاحم العرب لولا قصرها...

ـــــــ
الأسلوب:

ليس فى الكتاب صعوبة تتوهمها, أو مشقة تتجشمها, بل على النقيض, وعلى عكس ما ظننتنى ملاقيه, سهل اللفظ مرسلها, رقيق العبارة مجزلها. فقراءة واحدة لكل مقامة (حتى بدون الشرح أحياناً) تكفى لأن تفهم النص وتستمتع به أيضاً لطرافته ونوادره, فعلى رغم غرابة بعض الألفاظ إلا أنه يمكنك أن تفهمها بحدسك وتعرف الموضوع العام بسهولة, وفى قراءة ثانية يمكنك أن تفهم هذه الألفاظ وما تواريه بقراءة الشرح, لكن هذا لا يعنى السهولة المفرطة التى تخلو منها الكتب التراثية بطبيعتها, فبعض المقامات الأخرى فيها من الغموض ما يجعلك تجهل مايدور فيها كأنك لا تقرأها, هذا بجانب فرط استخدام الهمذانى للكنايات والاستعارات التى تجلَت بشدة فى (المقامة الرُّصافيَّة) التى يستحيل فهمها بدون الشرح..
ـــــــ

اللغة:

لغة الهمذانى هى من آيات البديع, ولا سيما فى الوصف الدقيق الذى يجعلك تعيش البيئة زمانياً ومكانياً, وهو كنز لغوى ضخم لمن يبحث عنها.. وعلى رغم الهوة السحيقة بين لغة عصرنا الحاضر ولغة الهمذانى, إلا أننى أزعم أن لغة عصرنا (لغة الأدب أقصد) تتميز عن لغة الهمذانى بعدم اكتفاءها بالوصف المادى وتجاوزها ذلك إلى الوصف النفسى المعقد, وهذا أشدّ ماتفتقر إليه مقامات الهمذانى.
من عيوب مقاماته أيضاً, أن الكثير منها لامبرر له إلا الاستعراض اللغوى والبيانى البحت, وتكرر هذا فى أكثر من مقامة, وتكاد تخلو من موضوع ذى مغزى.. وكثير من المقامات تدور حول نفس القصة: شحاذ يحصل على المال من الناس بحيله فى إيهام الناس بحسن حديثه واستعراض بلاغته, هو أبو الفتح الإسكندرى.
ــــــــ

الشرح:

الكتاب حجمه 330 صفحة بالشرح, وبدونه يكاد يصل لل 100 صفحة, فالشرح أكثر من المقامات, وكثيراً ماتجد صفحات تخلو من المقامات لإفساح المجال للشرح المسهب, وهذا فى رأيى, وإن ساهم فى توضيح كثير من الأمور المبهمة, إلا أنه يثقل كاهل القاريء بمعلومات لم أقرأ الكتاب لأجلها, كأن يتوسع فى الترجمة لكثير من الشعراء؛ نسبهم وحياتهم وأشعارهم, لمجرد ذكر أسماءهم بصورة عابرة فى المقامة, وكذلك أيضا مع بعض الأحداث, كحرب البسوس, التى خصص لها المحقق مايقرب من أربع صفحات خلت منها ذكر المقامة, ورغم هذا فإن كلامه عن الحرب كان أكثر غموضا من مقامات الهمذانى نفسها, فكانت تحتاج لشرح هى الأخرى, لاستعماله اللغة التراثية العتيقة !

كما أن المحقق اقتصّ من بعض المقامات بعض الأجزاء بحجة أنها يندى لها وجه الأدب, فكان ابتساراً لمجرى القصّ ولمعرفة الأحداث وما انتهت إليه المقامة, وهذا فى رأيى خيانة للتراث وللهمذانى, ومؤكد أن المحقق لم يستوعب هزة الحداثة ولم يواكب عصر الأدب المستبيح الذى لا يندى له وجه, كما أنه لم يبدِ هذا التحفظ فى بعض المقامات التى كانت تتغنى بالخمر والغوانى, وتمتدحهما, بل أنه لم يتحرج من عرض أشهر أشعار العرب فيهما... تناقض غير مفهوم !
ـــ

لكن تظل مقامات الهمذانى لها من الحضور ما تمّحى تحتها عثرات ووقعات لا تنال من عبقرية وبلاغة الهمذانى ...
ـــــــــــــ




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.