الصفحات

السبت، 16 فبراير 2013

المَسرحِيّة




المخرج
لا داعى للمَزيد
فَرّطْنا فى اللّونِ الأحْمَر
كان مَشهَداً طَويلاً
ابْتَعنا السكاكين مِن بائِعِ المَوْت
أَعطَيناه مَلايين الجُنيْهات
وأَحْضَرنا المُمَثلين
حَفِظوا أَدوارَهم
ها؛ أَنْتَ أيُّها اليافِع
يا ذو الشّعرِ الأَسْود
يا ذو القامةِ الطّويلة
اخفى ابْتسامتَك
أَنتَ سَتقوم بِدَورِ القَتيل
وهَذا البَدين سَيرْتدى أَبْيَض فى أَبْيَض
ونظّارة سَوداء
ونٌعطيه السكّين
سيبقر بَطنَك
لا تَصرُخ!
لا, بَل اصْرخ حتى يَكُون المَشهدُ صادقاً
وهنا فَوقَ السّجادةِ البَيضاءِ سَتسْقُط
حينها ارسُم ابتِسامتَك
ونَحنُ سَنَسْكُب دَماً تَحت صَمْتك المُفاجِيء
ونَكْتُب فى الهَواءِ بِالدُخانِ: شَهيدُ
بالطَبعِ سَيَبكون ويُصَفّقون
.....
البطل الثانى
أمّا أنا يا مُخرِجَ النصّ البَديع
سَأَكون قَتيلاً آَخَر
وهَذِه السيّدة ستلعبُ دَورَ الأُم
سَتَرتدى العَباءةِ السوْداء
هى ماهِرة فى البُكَاء
مُذّ فَقَدت ابْنَها فى مَسْرَحية أُخْرى
حينَ صَدّقَ المَلكُ أَنّهُ امتَلَك
هى تَبْكى مِن يَومِها
وتُطالبُهم أَن يَسجِنوا المَلِك
هاها.. لا تُصَدقُ أَنّها كَانت مَسْرحِية
 وقَدْ أَتْقَنوا أَدْوارَهُم
أمّا ذاك البَدين ذى النظّارةِ السوْداء
فسيقتُلنى بِنَفسِ السكّين
وَهِى سَتذكُر ابْنَها
ستَبْكى, ويُصَفّقون


صوت مجهول
سَنَبيعُ لَهُم الدّمْعَ وهُم يَشْترون
سنُصدّق نَحْنُ أنّنا متنا
وهُم يَبيعون دَمَنا لِمَن يَبْخَسون
سَيدّعون أَنّ الوَطن قَدْ صار حُراً
وهُتافَنا لازال سَجينَ الدّفاتِر
يَنْتظرُ إِمْضَاءَ القَاضى
ذى الوشاحِ الأَخضَر
سَيُزورون النّص المَسرحى الذى كَتَبْناه
فَيَمنَحهم القاضى الحَياة
مُدَعياً أَنّها البَراءَة!
ويَمْنَحنا نَحنُ المَوْت
مُدّعياً أَنّه العَدْل
وتِلكَ السيّدة المَسْكينة
سَتَبكى عِندَ بَابِ المَحْكَمة
وهى تُنادى ابْنَها الذى صَار جَانياً
ويَخْرُج أَمَامَها القاتِل
سَيَقْتلها بِضحكته بَعدَما تَحفّظوا على سِكّينه
سَتموت بَعْدَ قَتْلتين, لاشكّ
ويَنْقَطِع خَبرُ الشّهيد
أمّا الوَطن
فَحقّه كَما الشّهيد
مَحْفوظٌ فى الدّفاتر
يَنْتظرُ إِمْضاءَ القاضى
حين يَنتَهى القاضِى مِن الإِمْضاء
سَيُصَفقُ الجُمهور ويَقَف,
سَيَبكى بِحَرارة
وحين يَنْتهى المَشْهدُ الطويل
سَيخرجون للطُرقات
سَيتفرّقون
ويُوقّعون بِجوار صَناديق الاقْتِراع
 فَيأْتى مَلِكٌ جَديد
وَسَيّدةُ جَديدة تَبْكى
ابْنها المَفْقود
ويَسقُط دَمْعَها على نفسِ العَباءةِ السَوْداء
حينِها سَنُفكّر فى المَشهدِ الثانِى مِنَ المَسْرَحِيّة
سَيَأتى أَبْطالٌ  آَخَرون
سَيَأتى قَاضِياً آَخَر
سَيَأتى جُمْهورٌ آَخر
سَيَأتون عِندَ نَفسِ الوَطَن
لَكِن المَسْرَحِيّة لَن تَنتهى.. لن تنتهى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.