“من المفترض أن تتولّى القراءة عملية تحويل الكلمات إلى صور مُتخيّلة، لكن ماذا لو حاولنا أن نُعيد الصور التي نراها في الواقع- الأحاديث التي نسمعها، إلى كلمات مكتوبة في خيالنا. بالطبع ليس الوصول للصورة المُتخيلة هي المحطة المنشودة والنهائية من عملية القراة، ربما عملية التحويل تلك، التي يُستهلك فيها قدر لا بأس به من الخيال والذاكرة هي المغزى من القراءة- المسار الواصل بين الكلمة والخيال. ومن ثم فإن للقراءة العكسية هذه مزايا مُضاعفة، تخيّل مثلًا أنك تستطيع أن تحوّل أحاديثك مع شخص ما لكلمات مكتوبة في ذهنك، ومدى الفائدة التي ستجنيها من عملية التجريد تلك والمفترض أنها ستنعكس على رد فعلك، الذي سيصبح حينئذٍ أكثر تحكّمًا ومسئولية. تخيّل أنك تستطيع أن تُحوّل مشاهدة فيلم إلى قراءة مُجرّدة في ذهنك وتعيدها إلى وضعها الأوّلي كما أرادها الكاتب، المؤكّد أن ذلك سيفتح أفقًا آخر يتعدّى حدود الفيلم وربما ستُدهش من اكتشاف أشياء تتخفّى خلف تلك الصُّور المُمثّلة. نفس الأمر يحدث مع اللوحات الفنية (أو حتى كلام مكتوب بخط غير واضح)، فحين يصعب عليّ فهم مغزى فنان ما من بعض خطوطه أحاول أن أعيد رسم هذه الخطوط في مخيلتي من بدايتها لنهايتها، ينجح الأمر معي كثيرًا لفهم ما أراده هذا الفنان. في الحقيقة هذه محاولة بعدم الاكتفاء بالمُشاهدة، بل تعدّى ذلك إلى المُشاركة.
إعادة هذه المواد إلى مصدرها الأول يجعلها أكثر تجريدية وذلك يعني أكثر فهمًا وقربًا من المغزى. كما أن ذلك يضع العقل في المقدّمة دائمًا بعيدًا عن التأثيرات، ولن نتحسّر حينئذٍ على الأفكار التي أُهدرت في نقاش مع أحدهم لأنك بالطبع -وفي أفضل الأحوال- لم تتمّلك هذه التجريدية للحكم على الأمور. ولهذا أيضًا فإن مواقع السوشيال ميديا تنجح دائمًا.”
إعادة هذه المواد إلى مصدرها الأول يجعلها أكثر تجريدية وذلك يعني أكثر فهمًا وقربًا من المغزى. كما أن ذلك يضع العقل في المقدّمة دائمًا بعيدًا عن التأثيرات، ولن نتحسّر حينئذٍ على الأفكار التي أُهدرت في نقاش مع أحدهم لأنك بالطبع -وفي أفضل الأحوال- لم تتمّلك هذه التجريدية للحكم على الأمور. ولهذا أيضًا فإن مواقع السوشيال ميديا تنجح دائمًا.”